كتبته بيدي والخط يشهد لي  ***  أني سأتركه يوما وأرتحل

يصدر هذا العدد الرابع من مجلة (آفاق علمية) وهو العدد الأخير في هذا المجلد، وفي هذه السنة (2019).

هذه السنة هي التي أشرفتُ فيها على مجلة (آفاق علمية)، إذ قمت خلالها بإصدار أربعة أعداد بمجموع مائة وأربعة وأربعين مقالا، في كلّ عدد ما يربو عن الأربعين مقالا علميّا محكّما، بمساعدة فريق التحرير وهيئة المراجعين، الذين أرفع إليهم جميل عبارات الشكر والتقدير على حسن تعاونهم، مقدرا فيهم سَعة صدورهم، واتقان عملهم ومعالجتهم الجادة لما أسند إليهم من بحوث، موصولا لهم بالاعتذار عن كلّ تقصير صدر أو خلل وقع.

كما أعتذر من جميع الباحثين الذين لم نتمكن من نشر بحثوهم بعد طول انتظارهم وصبرهم، مع شديد حاجتهم، وتأخرنا في معالجتها لكثرتها (حيث نستقبل في اليوم الواحد ما يزيد عن الثمانين مقالا في شتى التخصصات)، بسبب رفض طالها؛ قبل تحكميها لخلل في الشروط الشكلية، أو لتغيير فيها، أو تغيير في آجال إرسال البحوث، إذْ كان استجابة لما تمّ إملاؤه علينا من الوصاية، أو بعد تحكيمها بسبب التقارير السلبية للمحكمين. 

يعدّ هذا العدد الأخير لهذه السنة (2019)، والعدد الأخير لهذا المجلد (11)، والعدد الأخير لي كرئيس تحرير لمجلة آفاق علمية، إذ سيتم تعيين رئيس تحرير آخر لها، بسبب إشرافي على مجلتين علميتين، (مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية، ومجلة آفاق علمية)، وقد تمّ وصف هذه الوضعية بالتنافي لدى الوصاية، فامتنع الجمع بين رئاسة تحرير المجلتين، وبسبب تغيير مؤسسة انتسابي أيضا، متمنيا للطاقم الجديد للمجلة كلّ التوفيق والسداد، طالبا من كلّ أعضاء المجلة مساعدته في أداء مهامه.

والحق، إنّ الجمع بين مجلتين علميتين هامتين مفهرستين في مختلف قواعد البيانات العالمية، وذواتي صيت عربي ودولي واسع، مع كون إحداهما مصنفة، أمرُ ليس بالسهل أبدا.

إنّ غياب الإطار القانوني الخاص بالمجلاّت، وتعارض ذلك كلّه مع كثرة الالتزامات البحثية والبيداغوجية والاجتماعية للمشرف على المجلة، ووجوب منح الوقت الكافي والكبير للمجلة من أجل تلبية احتياجات الباحثين والقراء مع الصيغة التبرعية للعمل بها، وقلّة الإمكانيات، كل هذه الهوامل وغيرها تجعل الإشراف على مجلة علمية واحدة فقط ليس بالأمر بالهيّن.

ولقد رصدت خلال هذه السنة من إشرافي على مجلة آفاق علمية، وبخاصة مع قلّة المجلات المصنفة، وكثرة حاجة الباحثين للنشر من أجل استكمال ملفاتهم الإدارية المتعلقة برسائلهم العلمية، ملاحظات عدة:

• أنّ أساس تلبية احتياجات القراء والباحثين، وأساس تحقيق جودة أبحاث المجلة متوقف على عمل المحكمين والخبراء من أعضاء لجنة المراجعين، الذين نقدر فيهم سعة صدورهم، لكثرة المقالات التي تصلهم من أجل مراجعتها مجانا، حيث تجاوزنا العشر مقالات للخبير الواحد في الشهر الواحد.
• أنّ بعض الباحثين لا يولون الاهتمام الكافي لإرشادات هيئة التحرير، مما يضطر الهيئة لرفض المقال، فيصبح الباحث في سخط من أعضاء الهيئة، ويصدر منه ما يسيء.
• أنّ بعض الباحثين لا يقدر أوقات عمل الهيئة، فتجده يتصل في أيّ وقت كان، من دون مبالاة، مع أنّنا كنا نرد على جميع استفساراتهم التي تصل عبر البريد الإلكتروني من دون تأخير غاليا.
• أنّ بعض الباحثين إذا وصله من هيئة المجلة أمر لا يرتضيه، يقوم بنشر ذلك على أوسع نطاق في مواقع التواصل الاجتماعي، قد تصل إلى ذكر الأسماء تجريحا.
• أنّ بعض الباحثين لا يقدر ظروف الأعضاء، ويظنّ بهم خلاف ما هو واقع، فيقوم بالضغط عليهم بطريق الاتصال والشفاعة.

وبالنظر للعوامل السابقة التي ذكرت، وبالنظر لواقعنا مع قلة المجلات، وعسر النشر، وبالنظر لظروف أخرى لم أذكرها، فقد قسمت رؤساء التحرير في المجلات إلى ثلاثة أصناف: 

• صنف حائر، ضعف أمام ضغط الباحثين وغيرهم، وأحاطت به الاتصالات من كلّ جانب، فأصبح همّه إرضاؤهم وصون عرضه منهم، محافظا على حدّ أدنى من أسس العمل العلمي الأكاديمي، ومثل هذا يذهب بمصداقية المجلة ويسيء للبحث العلمي.
• وصنف جامد مجابه لكلّ تلك الضغطات، يعمل في صمت، لا يأبه لأي تدخل، ولا يستمع لأي انشغال، مدع فيها بالموضوعية، لا يراعي فيها وضعا، ولا يسعف فيها مضطرا، ومثْل لا يستطيع أنْ يُدير مجلة.
• وصنف سدّد وقارب؛ استجاب لطلبات الباحثين الجادين الذين ليس لهم شفيع، ولم يرد أصحاب الشفاعة والوساطة، مراعيا ضوابط البحث وأصول العمل الأكاديمي، فهذا يفترض فيه الأمانة، ومثل هذا من حظّ بعض المجلات أن يكون على رأس هيئة تحريرها، يستفاد من خبرته، ولا يضره ما قدْ يقع فيه من هانات.

رئيس التحرير

د. شوقي نذير